في كل دورة أقودها عن فن كتابة الرواية، ألتقي بأرواح متقدة، تشتعل عيونهم ببريق الحلم، وتتلعثم ألسنتهم عند أول سطر… يسألونني، والرجفة تسبق الكلمات:
كيف نبدأ؟ كيف نكتب رواية تستحق أن تُقرأ؟ وكيف نصبح كتّابًا حقيقيين؟

والحقيقة؟ لا توجد خريطة واحدة لهذا الطريق، لكن هناك إشارات، علامات صغيرة مررت بها، تعلمتها من العثرات، وصقلتها بالتجربة، واستفدتها من خلال قراءاتي في هذا الموضوع، بالإضافة إلى اشتغالي في مجال النشر ما يقرب من ثماني سنوات، لذلك أعتقد أنني أستطيع أن أفيدك في هذا الشأن.

في هذه المقالة، أقدّم لك تسع قواعد ذهبية ليست أوامر جامدة، بل نوافذ مفتوحة على عالَم الكتابة الحقيقية. هي خلاصة سنوات من البحث، والكتابة، والنشر، والتأمل في ما يجعل من الكاتب… كاتبًا فعلاً.

 

أولا: اكتب أوّلًا، قيّم لاحقًا 🕰️

بالطبع، إليك إعادة الصياغة بأسلوب واضح، مفيد، وفيه لمسة أدبية تبعث على التحفيز:

لا تنتظر الجملة الكاملة أو المثالية، لأنها نادرًا ما تأتي في البداية. المهم أن تبدأ بما تقدر عليه الآن، حتى لو بدت الجملة بسيطة أو غير مرتبة.

فالمسودة الأولى لا تكون عملًا فنيًا متكاملًا، بل هي مجرد رسم مبدئي بالقلم الرصاص، أشبه بخطوة أولى في طريق طويل. لا تحكم عليها مبكرًا، ولا تضعها تحت المجهر. اسمح لها أن تكون، لأن الكتابة الجيدة تبدأ دومًا من المحاولة، لا من الانتظار، لذلك حاول الكتابة فقط ولا تفكر في شيء ثانٍ.


اكتب دون أن تنظر إلى الخلف كثيرًا. لا تُطفئ الحبر بأحكامك القاسية، لا تقلق إن كان النص مشوشًا… فهو يشبه الولادة الأولى، فوضى تسبق الحياة.

السر؟ الكتابة لا تأتي لمن ينتظر الكمال، بل لمن يفتح الباب للفوضى الأولى.

 

ثانيا: ابدأ من حيث تشعر بالألم 💔

لا تخترع شيئًا لم تعِشه، أو على الأقل لم تستشعره.
الكتابة الحقيقية لا تأتي من المناطق الآمنة، بل من الجروح القديمة، من التفاصيل التي لم يتوقف عندها أحد… سواك.
حين تكتب عن ألمك، فأنت تمنح القارئ فرصة ليفهم نفسه. وحين تكتب عن حزنه، فأنت ترافقه في وحدته.

الصدق الأدبي هو ما يجعل الكاتب إنسانًا مختلفًا: لا يكتب فقط، بل يشهد، يُداوي، يُضيء.

 

ثالثا: التزم بالروتين، لا بالإلهام

الإلهام جميل، لكنه متقلب… يأتيك في القطار، أو في المطبخ، ثم يرحل قبل أن تمسك القلم.
أما الروتين؟ فهو طقسك المقدس.
اجعل للكتابة وقتًا ثابتًا، ومكانًا يعترف بك، وفنجان قهوة يُمهّد لك الطريق.
لا تنتظر أن "تشعر بالحماسة"، بل اجلس واكتب. الكُتّاب الكبار يكتبون رغم الملل، رغم التعب، رغم الضجيج… وهذا ما يصنع الفرق.

 

 

📚 كن جزءًا من مجتمع الكُتّاب والمبدعين! محادثات، ونصائح يومية تنتظرك على واتساب.

 

رابعا: اكتب للقارئ، لا ضده 👥

كفى كتابةً لنصوص غامضة لا يفهمها أحد… فالكتابة الحقيقية ليست مسابقة في استعراض المفردات أو تكديس الصور البلاغية. وإبراز عضلاتك اللغوية، إنها فعلُ محبة، ورسالة خفية بين روحك وروح القارئ.

حين تكتب، لا تكن كأنك على منصة تخطب… بل كن على طاولة تجالس بها صديقًا قديمًا. تخيّله أمامك، يقرأ كلماتك، هل سيفهمك؟ هل سيلمس شيئًا من ذاته في سطورك؟ هل ستضحك عيناه إن ابتسمت؟ هل سينكمش قلبه إن حزنت؟

اجعل من نصك صوتًا دافئًا لا صدًى أجوف. لا تكتب لتبهر… بل اكتب لتلمس قلب القارئ.

ولْيكن هدفك أن يقول القارئ بعد أن ينتهي: "هذا النص كأنه كُتب لي وحدي… وكأن الكاتب كان يعرف ما أمرُّ به تمامًا".

هناك جمال خفي في البساطة الصادقة، وصدقٌ عميق لا يمكن تزويره حين نكتب بقلوبنا، لا بمعاجمنا.

اجعل من نصك حوارًا، لا خطبة.
دعه يقرأ ويقول: "وكأن هذا النص كُتب لي أنا بالذات".

 

خامسا: أعد الكتابة بلا رحمة 🪚

المسودة الأولى؟ نعم، هي رائعة… لا لأنها كاملة، بل لأنها وُلدت. لأنها تعني أنك تجاوزت الخوف، وكتبت. لكنها، بكل صدق، ليست نهاية الرحلة… بل مجرد خطوتها الأولى.

لا تقع في حب كل جملة فقط لأنها راقت لك عند كتابتها. فالإبداع الحقيقي لا يساوي التعلّق الأعمى بالكلمات، بل في القدرة على النظر إلى النص من علٍ، بعين باردة، ناقدة، ومسؤولة.

عد إلى مسودتك وكأنك محرر لا يعرف الكاتب، وكأنك قارئ يبحث عن المعنى لا عن الزينة. اسأل بصدق: هل هذه الجملة تخدم ما أريد قوله؟ هل تسير بالقارئ خطوة للأمام أم تعيقه؟

كل جملة لا تخدم روح النص… احذفها دون أسف. لأن كل سطر زائد يشوّش على السطر الصادق الذي يليه.

التنقيح ليس تقليلًا من الإبداع، بل هو احترامٌ له. هو اللمسة التي تُحيل المادة الخام إلى فن، وتحوّل المسودة المرتبكة إلى نص ينبض بالإتقان والوضوح والجمال.

لا تخف من أن تمحو… فالممحاة أحيانًا أداة خلْق، لا حذف.

 

 

سادسا: اقرأ كما لو أنك تتنفس 📖

الكاتب الحقيقي لا يكتفي بالكتابة فقط، بل هو قارئ نهم لا يشبع من المعارف والكلمات. القراءة هي الوقود الحقيقي الذي يشغل محرك الإبداع في ذهن الكاتب، هي النور الذي ينير دربه ويغذّي خياله.
كل صفحة تقرأها تحمل معها عوالم جديدة، أفكارًا مختلفة، وأسلوبًا مختلفًا في التعبير. لا تقتصر على نوع واحد، بل اجعل لنفسك مكتبة متنوعة: روايات تأخذك إلى عوالم خيالية، مقالات تفتح أمامك آفاق المعرفة، كتب تاريخية تعيدك عبر الزمن، وحتى قوائم أو نصوص يومية تحمل في ت
كلما انغمست في القراءة، اتسعت ذائقتك الأدبية، وتعمّقت أدواتك الكتابية. ستجد أن الكلمات تصبح لك أصدقاءً، والأساليب تتشكل لتكون بأصالة صوتك الخاص.
في القراءة، يلتقي الكاتب بالقرّاء الآخرين، ويتعلم كيف يلمسهم، وكيف يجعل كلماته تحفر أثرًا في نفوسهم. فالكتابة ليست فقط مهارة تُكتسب، بل هي ناتج غني من التجربة الأدبية المتنوعة التي تبدأ بالقراءة قبل أن تتجلى في الحبر.

 

سابعا: طوّر صوتك، لا تكن ظلًا لغيرك

في البدايات، سنقلّد… نعم، وسنُشبه الكتّاب الذين نحبهم، الذين ألهمونا، الذين كانت كلماتهم لنا ملاذًا في لحظة من اللحظات. وهذا ليس عيبًا، بل طبيعة الطريق. فكل صوت يبدأ من صدى.

لكن لا تجعل تلك الأصوات غطاءً على صوتك الحقيقي. لأن هدفك في النهاية ليس أن تكون نسخة من أحد، بل أن تكون أنت. أن يقرأك القارئ ويقول: هذا النص لا يشبه سواه، هذا النص يحمل بصمته هو.

صوتك الأدبي لا يُولد دفعة واحدة، بل يُصاغ عبر التجريب، ويتبلور مع كل محاولة، حتى تلك التي تراها سخيفة أو ضعيفة… خصوصًا تلك. لأن النصوص المهزوزة ليست فاشلة، بل هي تمرينات أولى لعضلة الكتابة.

اكتب كثيرًا… اكتب بحرية… اكتب كما تتكلم مع نفسك حين لا يراك أحد.

هناك، في الصدق التلقائي والبسيط، يختبئ أجمل ما فيك.

لا تطمح لأن تكتب مثلهم… بل طمح لأن يكتب أحدهم يومًا، متأثرًا بك.

 

ثامنا: لا تخف من الفشل 🚫

هل تعلم أن كل كاتب مميز… كان ذات يوم يكتب نصوصًا مهزوزة، مرتبكة، لم يُعجب بها أحد؟
الفرق الوحيد بينه وبين من تراجع، أنه لم يتوقف. لم يسمح لصوت النقد أن يكون أقوى من صوت الشغف في داخله.

الفشل؟ إنه ليس النهاية… بل هو علامة أنك تحاول. أن لديك شيئًا يستحق أن يُقال، حتى لو لم يخرج واضحًا بعد.

العيب الحقيقي؟ أن تترك حلمك يتبخر، فقط لأن أحدهم لم يفهمك… أو لم يُعجبه أسلوبك.

لا تجعل رأيًا عابرًا يطفئ جمرة الكتابة في قلبك.

الكتاب العظماء ليسوا أولئك الذين كتبوا بلا أخطاء، بل أولئك الذين كتبوا رغم أخطائهم، ونقّحوها، وتعلّموا، ثم استمروا

فاستمر. لأن الاستمرار وحده… هو ما يصنع الفرق. ✨✍️

نصيحتي؟ اجعل الفشل صديقك، لا خصمك.

 

📚 ننصحك بمقالة: تجاربُ الكُتّاب مع الفشل في نشر الروايات والكتب

 

تاسعا: شارك كتاباتك مع الآخرين ✉️

لا تنتظر أن يصبح النص "مثاليًا" لتنشره… لأن المثالية وهم.
انشره لأنه يحتاج أن يُقرأ، ولأنك تحتاج أن تُرى.
شارك نصوصك في مجتمع أدبي، في نادٍ، في منصّة رقمية
استمع للآراء. ستجرحك؟ ربما. لكنك ستنمو بعدها.

 

خاتمة: لماذا يستحق الكاتب أن يفخر بنفسه؟

لأن الكاتب لا يعيش الحياة كغيره… بل يُعيد خلقها على الورق،
ولأن الكاتب لا يكتفي بالمشاهدة… بل يملك الجرأة ليكتب ما يخشاه الآخرون،
ولأنه يرى في التفاصيل العادية حكايات تستحق أن تُروى.

أنت، حين تكتب، لا تملأ فراغًا… بل تترك أثرًا لا يُنسى.
وحين تجرؤ على مشاركة نصوصك، فأنت لا تطلب التصفيق، بل تدعونا جميعًا لنرى العالم بعينيك.

هنا، في دار بسمة للنشر الإلكتروني، نؤمن أن كل صوت جديد يحمل بداخله إبداعًا ينتظر لحظة الولادة.
نؤمن بأن كل خاطرة، أو نصّ بسيط، قد تكون الشرارة التي تشعل رحلة التأليف.

لا تنتظر أن "تنضج" الكتابة… فالحبر لا يكتب نفسه.
ابدأ بنصّك الآن… ودع دار بسمة للنشر الالكتروني ترافقك في أول خطوة نحو النشر.

نحن نؤمن أن كل كاتب جديد هو مشروع مبدع كبير.
قد تكون مقالتك هذه، أو خاطرتك التالية… هي أول صفحة في كتاب سيُقرأ يومًا ما في كل العالم.

نحن لا نبحث عن كاتب مثالي… بل عن كاتب صادق.
فهل ستكون أنت هو؟ ✍️📘✨

 

إذا كنت تحب نشر كتابك في دار بسمة للنشر تواصل معنا من هنا.

 
أخيرا دعني أخبرك بخبرٍ سارّ جدًّا، قريبا سيتم تأليف كتاب جامع يشارك فيه كُتّاب وكاتبات من مختلف الأقطار.
هل تصدّق أن أكثر من أربعين قلمًا قد انضموا بالفعل إلى رحلة الإبداع القادمة؟

نعم، إنهم كتّاب من مختلف البلدان، اتخذوا القرار الذي ربما تؤجله أنت منذ زمن… أن يمنحوا كلماتهم فرصة الحياة.

الكتاب الجامع الثالث ضمن سلسلة "ملتقى الأقلام المبدعة" ليس مجرد إصدار إلكتروني، بل هو مساحة حرة لصوتك، لبصمتك، لحلمك القديم الذي طالما راودك: أن تكون كاتبًا يُقرأ.

نحن لا نطلب رواية، ولا نصًا طويلًا… نطلب قطعةً من روحك.
نصًّا واحدا فقط، يملأ صفحة واحدة فقط، يخرج من أعماقك، قد يكون هو البداية التي تغيّر كل شيء.

انضم الآن، وشارك بنصك بين نخبة من المبدعين والمبدعات.
لا تؤجل الحلمفقط ابدأ من هنا. ✨📖

التسجيل حصرا وفقط عبر مجموعة الواتساب، انضم إليها الآن، وانتظر التفاصيل، سنُفرجُ عنها لاحقا إن شاء الله تعالى.